اليوم العالمي لمكافحة المخدرات.. كيف تعاطى المشرع السوري مع آفة المخدرات؟

06/26/2020

آفة المخدرات وجرائمها أخطر ما يمكن أن تواجهه المجتمعات على الإطلاق، فيخطئ من يعتقد أن أضرارها تقتصر على المتعاطي أو المدمن، إذ إن الآثار المدمرة لهذه الآفة تبدأ من صحة الإنسان الجسدية والنفسية على حدٍ سواء، وما ينجم عنه من تفكك أسري له انعكاساته السلبية على المجتمع برمته، إضافة الى الأضرار الاقتصادية، والمشاكل الأمنية التي تودي بمرتكبي جرائم المخدرات الى عواقب وخيمة.. الأمر الذي استدعى تضافر الجهود على مستوى العالم وعقد معاهدات دولية وإقليمية لمكافحة المخدرات (اتفاقية نيويورك الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 ، البروتوكول المعدل لاتفاقية نيويورك الوحيدة للمخدرات لسنة 1971، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة المؤثرات النفسية فيينا لسنة 1971 ، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية فيينا 1988 ، كذلك الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية 1994).. وبالرغم من وجود هذه الاتفاقيات إلا أن العديد من زعماء العالم والشخصيات البارزة ترى أن الحرب على المخدرات كانت حرباً فاشلة، ولابد من وضع حد لهذا الفشل.

في سورية وخلال سنوات الحرب التي لم تنته بعد كانت الفرصة مواتية لتجار الموت ومروجيه لممارسة نشاطهم مستغلين الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد، وتأثيراتها على السوريين، وبحجة التخفيف من آلامهم راجت تجارة أنواع عدة من المخدرات شاع منها حبوب الكبتاغون التي انتشرت بين الفئات الفقيرة ليهربوا من الواقع إلى الوهم.

وبالرغم من نشاط هذه التجارة خلال السنوات الماضية إلا أن مشكلة التعاطي لم تتفش في المجتمع.. كما أن سورية لاتزال بلد عبور وليس بلد زراعة.

وفي اليوم العالمي لمكافحة المخدرات لابد من الوقوف عند رؤية المشرع السوري في هذا الإطار:

إن المشرع السوري اعتبر حيازة المواد المخدرة وزراعتها وتصنيعها بكافة الأشكال من الجرائم الشديدة الخطورة على المجتمع فوصلت العقوبة في قانون المخدرات في كثير من الحالات إلى الإعدام فكانت الحيازة لجوهر المادة المخدرة بحد ذاتها جرماً خطيراً تتغير أوصافه القانونية تبعاً لأسباب الحيازة وتتنوع العقوبة في شدتها تبعاً لذلك لأن المادة المخدرة ووجودها بين أيدي الناس لايمكن إلا أن تؤدي إلى تخريب في البنيان المجتمعي وهدم للعلاقات الإنسانية ومن هنا نظر المشرع السوري إلى الإنسان بكثير من الاهتمام فاعتبر أن الردع يكون بحمايته ومساعدته على عدم الغوص في مخاطر تعاطي هذه المادة لذلك أخذ بنظرية مزدوجة ففي ذات الوقت الذي يعاقب على الحيازة بقصد التعاطي فإنه يعفي المدمن الذي يخضع للعلاج من العقاب وهذا نهج قويم يجعل الباب مفتوحاً لعودة الإنسان لحياته الطبيعية فيما إذا جنح نحو مستنقع المخدرات القذر.